التاريخ : 2020-08-31
أمي ... وإلى لقاء قريب..!!
خاص
لم تمر الأيام الأربعون بدون أن يمرني طيفك في كل مساء، مستذكراً شريطاً طويلاً من الذكريات، مشاهد لم أكن لأنساها لمجرد أنها كانت في ظلك.
أمي، مر اليوم الأربعون للدمعة الأولى التي ذرفتها ألماً، كنت أستشعر يديكِ تمسحها من جفوني كما كنتي تفعلين في صغري، لازلت أستشعر أنفاسك تلاطف وجنتي، لازالت رائحة عبقك تملأ جدران منزلك القديم في الجدعة، التي حنت اليكي هي وجدرانها وناسها.
أماه وأنت اليوم في عليين، كيف حالك، كيف من هم حولك، هل أقرأتي أبي وأشقائي السلام، هل أخبرتيهم بأحوالنا، قد يكون موعد اللقاء قريب ولكن قلبي مفطورٌ باشتياقه لكم.
أمي، لا أدري انت كنتي تشعرين بحجم الغصة في قلبي عندما أقرأ الفاتحة على قبرك، شيء ما يشدني اليك، يقول لي انتظر فهي تنظر إليك الآن وتبتسم.
أمي، لولا أني راضياً بقدر الله، صابراً على الفرق، محتسباً ألمي على غيابك، لما انتظرت كثيراً لأكون بجانبك كل ليلية أدعوا الله العلي أن يغفر ذنبك، ويرحمك، ويسكنك جنانه.
أمي، اشتقت لغمرة حنانك، اشتاق لشقوق كفيكي وهي تمسح عني ألم الحياة وقسوتها، اتلهف لقبلة على جبينك الطهور لعل الله يمدني بالقوة، لعينيكي الدامعتان بعطفٍ علينا.
أمي، كل التفاصيل تقودني اليكي، حتى الطعام التي كنتي تعديه، لا زلت لا أجد الراحة الا في مرقدك، ربما ريحك تغمره وهو السر في ذلك، فقد كان طول العمر الملجأ لذلك المشاغب.
آه يا أمي، كم اعتصر ألماً على فراقك، عزائي الوحيد بكِ هو أني شاهدت الرضا في وجهك البشوش يوم ودعتك للأبد.
تأكدي يا أمي، أنكي تركتي الولد الذي يدعوا لكِ، وليمدني الله بالقوة لأرد دينك ووالدي ولو قليلاً منه، ولا يسعني القول إلى :
اللهم إنها في ذمتك وحبل جوارك.. فقها من فتنة القبر وعذاب النار وأنت أهل الوفاء والحق فاغفر لها وارحمها إنك انت الغفور الرحيم”
ابنك الوفي